top of page

الأستاذ الدكتور / سعيد حداية ( ١٩٣٧ - ٢٠١٧ )

أحد رموز الحركة التشكيلية المصرية وأحد كبار فنانى الجرافيك .
ولد سعيد حافظ محمود حداية بالإسكندرية عام ١٩٣٧ والتحق بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام ١٩٥٨ وهو العام الثانى لانشائها ، وقد درس على يد عدد من الفنانين الكبار أمثال سيف وأدهم وانلى وعبد الله جوهر وجمال السجينى وحامد عويس وماهر رائف ومريم عبد العليم وغيرهم وقد كان لتوجيهاتهم وخبراتهم عظيم الأثر فى التركيب الفكرى والوجدانى للفنان .
وكان من المعروف عن الفنان سعيد حداية تميزه أثناء الدراسة بتدفق التعبير الملئ بالمشاعر والأحاسيس الفنية ، ومن الفنانين الذين تأثر بهم فيما يختص بتلك النواحى التعبيرية ( حامد ندا - ماهر رائف ) خاصة فى موضوعاتهم الأولى عندما كان ضمن جماعة الفن المصرى المعاصر و التى كان معظمها مستوحى من العادات والتقاليد الشعبية .
حصل الفنان على الماجستير من كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية عام ١٩٧٢ ثم إنطلق الفنان إلى إيطاليا فى بعثة دراسية وحصل على الدكتوراة من جامعة أورينو الإيطالية عام ١٩٧٨ واشترك الفنان أثناء تواجده فى إيطاليا فى العديد من المعارض .
شارك الفنان سعيد حداية فى العديد من المعارض الجماعية الدولية والمحلية وسجلت أعماله بالموسوعة الدولية لفن الحفر باليابان والموسوعة المصرية القومية للشخصيات البارزة .
وقد حفظت أعماله كمقتنيات رسمية بأكثر من جهة مثل متحف الفن المصرى الحديث ومتحف الفنون الجميلة ووزارة الخارجية ووزارة الثقافة .
ودوليا حفظت أعماله بمتاحف الفنون فى الأردن وقطر وهولندا وألمانيا وقبرص وإنجلترا .
رحمه الله الأستاذ الدكتور / سعيد حداية العضو المؤسس لجماعة فن الحفر المصرى الذى توفى فى ٢٠١٧/١١/٢١
ويتشرف المتحف بإقتناء ثلاث أعمال فنية للفنان القدير منها عمل نفذ وهو معيد بالكلية وهو باسم ( صباح الخير ) وعملين هما : من الفلكلور الشعبى ( نفذ عام ١٩٩٦) - إناء ( نفذ عام ١٩٩٨ )


المصدر :

السيرة الذاتية للفنان - قطاع الفنون التشكيلية

كتاب بانوراما فن الجرافيك المصرى فى القرن العشرين

collected.jpg
Saidheddaya003.jpg

- من طبيعة الفنان `سعيد حداية` أنه يتناول الموضوعات التى يميل إليها ، فكل عمل فنى طباعى يقوم بتنفيذه له قصة ومضمون خاص به لذلك جاءت موضوعاته شديدة الخصوصية ومعبرة بصدق عن واقع عاشه الفنان وارتبط به ويرى الفنان أن كل عمل فنى طباعى قام بتنفيذه له جوانبه الابتكارية الخاصة به ولكن بشكل عام يحاول الاعتماد على الألوان فى غالبية أعماله الفنية الطباعية حتى تلك الأعمال التى أعدها باستخدام أسلوب الطباعة الغائرة ، وذلك لإحساسه بأن الألوان لها دور وأثر كبير فى العمل الفنى وحتى فى الأعمال الفنية الطباعية ( الأبيض والأسود ) فالفنان ` سعيد حداية ` يحاول دائماً إعطاءه إحساساً باللون بشكل ما فهو يرى أن استخدام اللون والتعبير به يرضيه الى حد كبير فاللون عنده فى الحقيقة قوة تعبيرية تضاف الى أبجديات التشكيل والتعبير فى أعماله فهو تارة ينتقى ابسط الألوان بنقائها ومدلولها دون أى إضافة أو مزج ، فنجد فى بعض أعماله الألوان الأساسية كالأصفر والأحمر تلعب دوراً مهماً فى إضفاء الشحنة التعبيرية للموضوع بينما نجد فى أحياناً أخرى كثيراً ما يخلط أللوانه الشفافة لتعطى فى النهاية تجانساً غربياً ومزيجاً حسياً نابضاً خاصاً به .
 

أ.د /حامد عويس

مجلة صباح الخير

التشكيلى صانع الفطرة البريئة

- نجح فى استثمار مهارته التقنية فى ` الطبعة الفنية`، التى أتقنها فترة بعثته الإيطالية، لصنع عالم من الفطرة البريئة والحكايات الشعبية المصرية، وطابعها الأسطورى ورموزها الفلكورية، فتلاقى مع عالم الطفولة والسحر لدى الشعوب صاحبة العمق الميثولوجى، وصنع بسلاسة وحس تلقائى لوحة بسيطة التكوين ظاهريًا، لكنها مركبة البناء بغير استعلاء أو استعراض بلا ضرورة فنية، ما أهله لاحتلال مكانة فى موسوعات دولية للفن، إنه الفنان السكندري الدكتور سعيد حداية، أحد كبار فناني الجرافيك، الذي كُرِمَ مساء أمس فى افتتاح المعرض العام للفن التشكيلى لما حققه من إنجازات فى الساحة التشكيلية.
يعد `حداية ` أحد التشكيليين الذين حلوا إشكالية المواءمة بين الهوية المصرية والحداثة الأوربية، ونجح في تحقيق تلك المعادلة الصعبة، بغير تنازل عن قيم الشكل الحداثي المعاصر هناك، لتأثره بتجارب وإبداعات رواد الفن المصري الذين عبروا عن هذا الموروث قبله بعقود، فترى في لوحاته الحس الشعبي يطغى بروحه على المشاهد، وألوانه وتركيباته ربما تخترق مجال البرواز لتنشع على حائط العرض، وربما يراها الجمهور هكذا من فرط التركيز الذى لابد أن يصاب به من يرى اللوحة.
وتجمع لوحات `حداية` ` ذكريات مشتركة لعموم المصريين، من الطفولة والشباب والزمن الماضى، ويفتح أسلوبه الغرائبى فى الطرح والتنفيذ والبعيد عن التقريرية فى الفن، براحات واسعة للرؤية.

جريدة الدستور: 21-9-2017

146-1.jpg
146-12.jpg

`يا عروسة البحر يا حتة من السما`

طالما كانت الإسكندرية الجميلة منشأ الجمال في العالم القديم والحديث، فمنذ أن بناها الإسكندر، وهى تحتضن الثقافات المتعددة، فهي `كوزموبوليتان`، وفي حواريها انتشرت الخرافة، والتي انعكست من الحكاية الشفاهية على الفن التشكيلي في أعمال عبد الهادي الجزار، وامتدادًا لمشوار الجزار ورفاقه فناني الإسكندرية، بزغ نجم سعيد حداية الفنان الذي رحل عن عالمنا أمس عن عمر ناهز 80 عامًا، الذي كرمه قطاع الفنون التشكيلية على هامش الدورة 39 للمعرض العام لهذه السنة، ضمن أربعة فنانين من رموز الحركة التشكيلية المصرية.

- الحارة المصرية هي من أوصلت نجيب محفوظ للعالمية، تمامًا مثلما فعلت مع `سعيد حداية` الفنان الذي يكرم على هامش الدورة 39 للمعرض العام، ضمن أربعة فنانين من رموز الحركة التشكيلية المصرية، منهم الفنان الدكتور سعيد حداية ، وفى هذا الصدد تستعرض `البوابة` مسيرته:

- ولد سعيد حافظ محمود حداية، الشهير بسعيد حداية، بالإسكندرية عام 1937، وانطلق منها ليحصل على القاهرة ليحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة، وتكون انطلاقته إلى إيطاليا حيث يحصل على الماجستير ثم الدكتوراه من جامعة أورينو الإيطالية عام 1978.

- ترى فى لوحات سعيد حداية الحس الشعبي يطغى بروحه على جميع المشاهد، ألوانه وتركيباته ربما تخترق مجال البرواز لتنشع على حائط العرض، ربما يراها الرائي هكذا من فرط التركيز الذي لابد أن يصاب به من يرى اللوحة، تجمع لوحات سعيد حداية ذكريات مشتركة لعموم المصريين، ذكريات من الطفولة والشباب والزمن الماضي، أسلوبه الغرائبي في الطرح والتنفيذ والبعيد عن التقريرية في الفن، يفتح براحات واسعة للرؤية، ربما يمتد نسل لوحاته لمدرسة عبد الهادي الجزار فيلسوف الخرافة الشعبية، ألوانه المطفأة غير المبهجة - ربما الواقعية- بإمكانها التحكم في الحالة المزاجية كما شاءت، فاللوحة الواحدة عند سعيد حداية بمثابة مشروع متكامل.

 وسام زين الدين

نجح في استثمار مهارته التقنية في «الطبعة الفنية»، التي أتقنها فترة بعثته الإيطالية، لصنع عالم من الفطرة البريئة والحكايات الشعبية المصرية، وطابعها الأسطوري ورموزها الفلكورية، فتلاقى مع عالم الطفولة والسحر لدى الشعوب صاحبة العمق الميثولوجي، وصنع بسلاسة وحس تلقائي لوحة بسيطة التكوين ظاهريًا، لكنها مركبة البناء بغير استعلاء أو استعراض بلا ضرورة فنية، ما أهله لاحتلال مكانة في موسوعات دولية للفن، إنه الفنان السكندري الدكتور سعيد حداية، أحد كبار فناني الجرافيك، الذي كُرِمَ مساء أمس في افتتاح المعرض العام للفن التشكيلي لما حققه من إنجازات في الساحة التشكيلية.

يعد «حداية» أحد التشكيليين الذين حلوا إشكالية المواءمة بين الهوية المصرية والحداثة الأوربية، ونجح في تحقيق تلك المعادلة الصعبة، بغير تنازل عن قيم الشكل الحداثي المعاصر هناك، لتأثره بتجارب وإبداعات رواد الفن المصري الذين عبروا عن هذا الموروث قبله بعقود، فترى في لوحاته الحس الشعبي يطغى بروحه على المشاهد، وألوانه وتركيباته ربما تخترق مجال البرواز لتنشع على حائط العرض، وربما يراها الجمهور هكذا من فرط التركيز الذي لابد أن يصاب به من يرى اللوحة.

وتجمع لوحات «حداية» ذكريات مشتركة لعموم المصريين، من الطفولة والشباب والزمن الماضي، ويفتح أسلوبه الغرائبي في الطرح والتنفيذ والبعيد عن التقريرية في الفن، براحات واسعة للرؤية.

حصل «حداية» على بكالوريوس الفنون الجميلة بالقاهرة، وانطلق إلى إيطاليا حيث حصل على الماجستير ثم الدكتوراه من جامعة أورينو الإيطالية، وحصد العديد من الشهادات والميداليات والجوائز المحلية منها شهادة تقدير عن معارضه.

نظم سعيد حداية العديد من المعارض لأعماله التي نفذها بإيطاليا، كما شارك في عشرات المعارض الجماعية الدولية والمحلية، وسجلت أعماله بالموسوعة الدولية لفن الحفر باليابان، والموسوعة المصرية القومية للشخصيات البارزة، وقد حفظت أعماله كمقتنيات رسمية بأكثر من جهة مثل متحف الفن المصرى الحديث، متحف الفنون بالإسكندرية، ووزارة الخارجية، ووزارة الثقافة، ودوليًا حفظت أعماله بمتاحف الفنون فى الأردن وقطر وهولندا وألمانيا وقبرص وإنجلترا. وفقا لما نشر بصحيفة الدستور.

جمال عاشور

146-5.jpg
146-3.jpeg

حكاية ولون..

سعيد حداية فنان احتضنته الموسوعات العالمية

الحارة المصرية هي من أوصلت نجيب محفوظ للعالمية، تمامًا مثلما فعلت مع "سعيد حداية" الفنان الذي يكرم على هامش الدورة 39 للمعرض العام، ضمن أربعة فنانين من رموز الحركة التشكيلية المصرية، منهم الفنان الدكتور سعيد حداية؛ وفي هذا الصدد تستعرض "البوابة" مسيرته:

ولد سعيد حافظ محمود حداية، الشهير بسعيد حداية، بالإسكندرية عام 1937، وانطلق منها ليحصل على القاهرة ليحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة، وتكون انطلاقته إلى إيطاليا حيث يحصل على الماجستير ثم الدكتوراه من جامعة أورينو الإيطالية عام.

ترى في لوحات سعيد حداية الحس الشعبي يطغى بروحه على جميع المشاهد، ألوانه وتركيباته ربما تخترق مجال البرواز لتنشع على حائط العرض، ربما يراها الرائي هكذا من فرط التركيز الذي لابد أن يصاب به من يرى اللوحة، تجمع لوحات سعيد حداية ذكريات مشتركة لعموم المصريين، ذكريات من الطفولة والشباب والزمن الماضي، أسلوبه الغرائبي في الطرح والتنفيذ والبعيد عن التقريرية في الفن، يفتح براحات واسعة للرؤية، ربما يمتد نسل لوحاته لمدرسة عبد الهادي الجزار فيلسوف الخرافة الشعبية، ألوانه المطفأة غير المبهجة - ربما الواقعية- بإمكانها التحكم في الحالة المزاجية كما شاءت، فاللوحة الواحدة عند سعيد حداية بمثابة مشروع متكامل.

يذكر أن الفنان سعيد حداية أقام عشرة معارض لأعماله التي نفذها بإيطاليا، كما شارك في عشرات المعارض الجماعية الدولية والمحلية، وسجلت أعماله بالموسوعة الدولية لفن الحفر باليابان، والموسوعة المصرية القومية للشخصيات البارزة، وقد حفظت أعماله كمقتنيات رسمية بأكثر من جهة مثل متحف الفن المصرى الحديث، متحف الفنون بالإسكندرية، ووزارة الخارجية، ووزارة الثقافة، ودوليًا حفظت أعماله بمتاحف الفنون فى الأردن وقطر وهولندا وألمانيا وقبرص وإنجلترا.

كما حصد سعيد حداية العديد من الشهادات والميداليات والجوائز المحلية منها شهادة تقدير عن معرض "الفن 83"، ميدالية جائزة الأوسكار عن معرض "فنون الجرافيك" خلال القرن العشرين وآفاق المستقبل 1994، ميدالية متحف كلية التربية الفنية للفنون التشكيلية 2000.

كما حصد العديد من الجوائز الدولية منها، جائزة "الحفر" بالمعرض الدولى لفن الحفر بإسبانيا، شهادة تقدير من بينالى الحفر الدولى السابع بالنرويج، ميدالية مدينة بون بألمانيا، شهادة تقدير من معرض "20 فنانًا" المكتب الإعلامى ببون بألمانيا الغربية، جائزة ترينالى مصر الدولى الثانى لفن الجرافيك.

146-4.jpg

- ولد بالإسكندرية، التحق بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1958 وهو العام الثانى لإنشائها، وقد درس فى الكلية على يد عدد من الفنانين الكبار أمثال سيف وأدهم وانلى وعبدالله جوهر وجمال السجينى وحامد عويس وماهر رائف ومريم عبد العليم وغيرهم، وقد كان لتوجيهاتهم وخبراتهم عظيم الأثر فى التركيب الفكرى والوجدانى للفنان.

- وكان من المعروف عن الفنان سعيد حداية تميزه- أثناء سنوات الدراسة - بتدفق التعبير الملئ بالمشاعر والأحاسيس الفنية، ومن الفنانين الذين تأثر بهم فيما يختص بتلك النواحى التعبيرية حامد ندا وماهر رائف خاصة فى موضوعاتهما الأولى عندما كانا ضمن جماعة الفن المصرى المعاصر، والتى كان معظمها مستوحى من العادات والتقاليد الشعبية.

- بدأ الفنان سعيد حداية تعامله مع الطباعة الفنية بأسلوب تعبيرى متميز ارتبط فيه بواقع مجتمعه خاصة الجانب الشعبى منه، حيث حاول من خلال أعماله الفنية الطباعية الوصول لأعماق المجتمع المصرى. وفى هذا النطاق اختار الفنان لمشروع تخرجه موضوعات مستقاة من الممارسات الشعبية والعادات والتقاليد وأسماها `تقاليد وعادات شعبية`. وقد تناول فى هذا المشروع موضوعات متنوعة: كالسبوع وإعداد الكعك للعيد وتقاليد الزواج والوفاة وبعض الممارسات المرتبطة بالمناطق الشعبية فى الإسكندرية مثل شرب دماء الترسة وما إلى ذلك من الممارسات والعادات التى تمثل القيم الحقيقية الصادقة للطبقة الشعبية بالإسكندرية، وقد اعتمد فى إعداد مشروع التخرج هذا على أسلوب الطباعة البارزة الملونة باستخدام القوالب الخشبية، والذى وجد فيه مجالاً واسعاً للتعبير.

- عاش الفنان منذ نشأته الأولى فى أحد أحياء الإسكندرية التى ارتبطت بالعادات والتقاليد، وهى منطقة سيدى بشر على مقربة من شاطئ البحر. وقد جمع الفنان بذلك بين تأثير البحر بكل معطياته وبين ما يحدثه على اليابسة، حيث كانت تلك المنطقة ولا زالت الموقع الدائم لمولد سيدى جابر، الذى كان فى الماضى أقرب ما يكون إلى الملحمة الشعبية النابضة بآلاف المريدين والزائرين وأصحاب الحرف والألعاب الغريبة، هذا بالإضافة إلى الممارسات التى كان يقوم بها بعض المؤمنين وكثير من الشعوذين.

- وفى عام 1964 عين سعيد حداية فى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية وشارك فى تكوين أول جماعة لفن الحفر المصرى المعاصر. كما قام بإعداد رسالة الماجستير فى عام 1972 فى موضوع `أثر اللون فى العمل الفنى المطبوع .. ، ثم سافر إلى إيطاليا فى بعثة دراسية تعرف خلالها على الجديد فى الأساليب التقنية المستخدمة فى عمليات الطباعة الفنية. كما أتيحت له فرصة الاطلاع على المدارس الفنية المختلفة، لكنه ظل متمسكاً بالأصول المصرية فى شخصيته وفى موضوعاته التعبيرية ولم يتأثر بالتيارات الغربية إلا من ناحية الأداء التقنى وأسلوب المعالجة.

- اشترك الفنان أثناء تواجده فى إيطاليا فى العديد من المعارض الجماعية ولاقت أعماله نجاحاً ملحوظاً مما دفعه للاستمرار فى الإنتاج، حيث أعد عدداً كبيراً من الأعمال الفنية الطباعية باستخدام طريقة الحفر الحمضى وطريقة القوالب الخشبية وطريقة الشاشة الحريرية (السلك سكرين)، وقد تميزت أعماله الفنية فى تلك المرحلة بأنها شديدة الارتباط بالبيئة المصرية ومليئة بالرموز التى استلهمها من التراث الأدبى كالحدوتة والأسطورة والقصص الخرافية وغير ذلك. فنجد أنه استخدم الحصان ليرمز للخير والإقدام، كما استخدم الطائر الذى لا يكاد يخلو عمل من أعماله الفنية الطباعية منه، والسمكة التى ترمز للإخصاب والإنجاب، والبحر الذى يعبر عن أحاسيس مختلفة من الهدوء والتقلب والهياج والغموض، وكذلك عروس البحر وما تحويه أشكالها من غرابة محببة ترتبط بكثير من أساطير البلاد الساحلية.

- وواصل الفنان سعيد حداية التعبير من خلال موضوعات شديدة الخصوصية ومعبرة بصدق عن واقع عاشه الفنان وارتبط به. وأصبحت الألوان عاملاً رئيسياً فى غالبية أعماله الفنية الطباعية. فاللون عنده قوة تعبيرية تضاف إلى أبجديات التشكيل مما يثرى الجانب التعبيرى فى أعماله، فهو تارة ينتقى أبسط الألوان بنقائها ومدلولاتها دون أى إضافة أو مزج بالألوان الأساسية كالأصفر والأزرق والأحمر والتى تختلط ألوانه الشفافة أحياناً أخرى لتعطى تجانساً وشاعرية على أعماله المطبوعة.

- ويعتبر الفنان سعيد حداية من أوائل المصريين الذين تعاملوا مع اللون فى الأعمال الفنية الطباعية المعدة بأسلوب الحفر على المعدن كالزنك وكأنها طباعة بارزة، وذلك على الرغم من المجهود الكبير الذى كانت تلك الأعمال تتطلبه، خاصة فى ظل الإمكانيات تواضعة والخامات البسيطة المتاحة فى ذلك الوقت.

- كما استخدم الفنان أسلوب اللينوليوم Lion Cut حيث وجد فيه معيناً لا ينضب من التأثيرات اللونية المتداخلة الممتزجة بتأثير خطى متناغم، لعبت فيه أدوات الحفر الدقيقة دوراً فى تحقيق هذا التناغم الذى أضاف قيمة وبعداً تعبيرياً لا يمكن الحصول عليه إلا من خلال تلك الخامة وبتلك الطريقة.

- تعطى شخوص الفنان سعيد حداية إحساساً بالسكون، وكأنها فى حالة من التفكير أو الترقب، وفى أحيان توحى بالخطر المحيط بالإنسان والناتج عن أفعاله، على سبيل المثال مأساة تشيرنوبيل، حيث نجد الإنسان الموجود فى هذا العمل الطباعى فى حالة فزع يريد أن يخرج من نطاق العمل إلى خارج حدوده أملاً أن يجد الأمان، ويؤكد الفنان هذا التعبير بطائرين ممزقين يصطدمان ببعضهما فى حالة من التوتر والانطلاق.

 

من كتاب بانوراما فن الجرافيك المصرى فى القرن العشرين

983.jpg

رحيل سعيد حداية

فنان البحر.. والحياة الشعبية بروح الاسكندرية

عن عمر يناهز ثمانين عاما رحل عن عالمنا الفنان السكندرى سعيد حداية استاذ الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بالاسكندرية وكان فناننا من بين المكرمين بالمعرض العام 2017 ومعه ثلاثة فنانين "المثال جابر حجازى وفنان لوحة الرسم جميل شفيق والمصور احمد شيحا "..حيث شارك بالعرض الخاص بهم والذى اقيم بقاعة "الباب "..ويعد الفنان الراحل احد اهم فنانى الجيل الثالث لفن الحفر هذا الجيل الذى شكل مساحة عميقة لملامح الطبعة الفنية او مايسمى حاليا بفن "الجرافيك "..وهو جيل حفل باسماء عديدة حفرت فى مجرى نهر هذا الفن ..من بينها محمود عبد الله وسعيد العدوى وفاروق شحاتة وصبرى حجازى وفتحى احمد وعطية حسين .

وحداية من اوائل دفعات خريجى الفنون الفنون الجميلة بالاسكندرية "الدفعة الثانية "..التى اسسها الفنان احمد عثمان وجمع فيها هيئة التدريس من الاساتذة الاكادميين من اساتذة الفنون الجميلة بالقاهرة وبين الفنانين الاحرار بمعنى اخر تميزت بالدراسة الاكاديمية وتنوع افاق الابداع الحر ..فكان من بين اساتذتها :سيف وادهم وانلى وحامد ندا ومحمود موسى ومحمد حسين هجرس وجمال السجينى وعبد الله جوهرومريم عبد العليم ..وكل هؤلاء درس عليهم وتامل وعاين وعاش اعمالهم . ويعد سعيد حداية رائد فن الحفر الملون ..تمتد ابداعاته بروح الاسكندرية بين البحر وايماءات الطقوس والحياة الشعبية مع العديد من الموضوعات الاجتماعية والسياسية والوطنية التى يسبغ عليها طابعا رمزيا .

البحر والمولد

فى حى سيدى بشر بالقرب من بحر الاسكندرية ولد الفنان سعيد حداية عام 1937وكانت نشاته بتلك المنطقة التى تمثل عمق الشخصية الشعبية المصرية ..من عادات وطقوس السحر الشعبى من افراح الزواج والميلاد والسبوع ومواكب الطرق الصوفية ومشايخ الاوردة والاذكار وحلقات الذكر والالعاب الشعبية التى كانت تقام بمولد سيدى جابر..وفور التحاقه بالفنون الجميلة عام 1958 انطلقت قدراته التعبيرية التى تالقت فى الجانب الشعبى ومن هنا جاء اختياره لمشوع "التخرج " بعنوان "تقاليد وعادات شعبية " متناولا طقوس ومشاهد متنوعة من اعداد كعك العيد وتقاليد الزواج ومراسم الوفاه وبعض الممارسات المرتبطة بالمناطق الشعبية فى الاسكندرية .

بعد تخرجه عام 1964 سافر الى ايطاليا فى بعثة دراسية "باربينو" معقل الطبعة الفنية والتى تستمد مكانتها وتقاليدها من قيم عصر النهضة ..وهنا جاءت دراساته وتجاربه من معطيات الخبرة التكنيكية والرؤى الابداعية فى وقت واحد والعجيب ان سعيد لم يتخل عن عالمه هذا العالم الذى يؤكد مصريته الشديدة وتمسكه بالبيئة الشعبية فقد اضاف اليه افاقا وابعادا واعماقا جديدة ..من اللمسة المعاصرة وافاق التعبير .

التعبيرية الشعبية

ظل سعيد حداية يستلهم عالمه من هذا النبع الاصيل من الواقع الشعبى والممارسات الطقوسية بما يمثل امتدادا لعالم الجزار واستاذه حامد ندا ..لكن يتحدث بلغته الشخصية واسلوبه الخاص ..وعادة مايهتم بالتكوين وتنسيق عناصر موضوعه فى حرية تامة لاتخضع لاطار ساكن فالزمان والمكان تلك اللحظة الدرامية التى يوظفها لخدمة موضوعه وربما كانت لوحة "الف ليلة وليلة " التى انجزها فى ايطاليا مساحة نابضة بالشعبية تؤكد فلسفته فى الابداع فهى تصور باسلوب شديد التلقائية عازفا على دكة خشبية وفى مقدمة اللوحة تقف امراة فى نظرة صامتة مع حمامة فى تكوين دائرى ..وتتنوع العناصر والوحدات الشعبية بين الراسى والافقى فى امامية اللوحة وفى الخلفية ..وفى لوحة "المستشفى 15 مايو " يمتزج الزمن المعاصر مع المعالجة الشعبية وهى تجمع بين الحلم والواقع يجسد فيها الحيرة بين الطب والدواء والمصير ..ويعد الفنان الراحل رائدا للحفر الملون وهو من اوائل الفنانين الذين تعاملوا مع اللون فى "الطبعة الفنية" باسلوب الحفر على المعدن بالطريقة الغائرة والبارزة ..وكان اهتمامه باللون من البداية حين قام باعداد رسالة الماجستير فى عام 1972 فى موضوع " اثر اللون فى العمل الفنى المطبوع "..فى لوحة السبوع نلتقى مع ثلاثة اجيال الجدة والام والحفيد المولود باسلوب تلقائى تنساب فيه الخطوط فى طلاقة تعبيرية وفى ارضية اللوحة تفترش ثلاثة مسطحات :الاول دائرى تقف عليه الجدة والثانى سجادة مستطيلة فى مقدمة اللوحة فى رابطة للام والمولود وفى الخلفية على المسطح الثالث سبع لمبات تضىء الحياة بعدد ايام السبوع ..ويغلب على اللوحة الوان داكنة بين الاخضر الزيتونى والاحمر الطوبى مع فضاء من الكريم .

الحروف والطقوس

والفنان الراحل يؤكد على عمق قدراته التعبيرية والتشكيلية فى استخدامه اللون باستاذية واقتدار من تلك الاضواء والمقابلات اللونية والتى ما ان تخفت فى بؤرة من اللوحة حتى تتوهج فى اخرى كما فى لوحته الطقوسية التى تهمهم فيها الحروف والكلمات العربية فى الخلفية والتى تقف فى مقدمتها امراة بنظرة غائمة مسكونة بالحيرة وفى المقابل رجل جالس يحمل مصباحا اخضر بنظرة جانبية فى حوار مع النظرة الامامية للمراة بينما يبدو عارى مستلقى ورائها على منضدة بهيئة ثعبان يتدلى منه اسماك بمايعنى التوالد والتكاثرفى زمن اسطورى ليس له حدود .

ولعل ماتوحى به لوحة المراة والرجل حامل الطوق الدائرى وبينهما العربة الخشبية مايومىء الى مايعانى انسان العصر الحديث هذا العضر المضطرب من الخواء الروحى والبحث عن معنى للحياة فمن خلال هذا الفضاء تظل اللوحة بعناصرها المتاكلة مع جزء من المظلة التى تعلو العربة الفارغة مايعكس لهذا الهاجس بتلك النظرة للرجل والمراة معا ..وهى تمثل امتدادا للوحة "الايدى الجائعة " والتى تعد برمزيتها مساحة شديدة الخصوصية فى التصوير الاجتماعى من الطبق الفارغ والمراة الجالسة والايادى المتطلعة وساعة الحائط التى تعلن ثقل الزمن .

واذا كان الفنان سعيد حداية يمتد عالمه برموز شعبية عديدة لها معانيها بين الافصاح والصمت من السمكة والطائرالاسطورى "الذى يتكرر فى ثنائية "ولمبة الكيروسين والبحر الذى يفصح عن تقلبات الاحوال الا انه قد اضاف ايضا عروس البحر التى جسدها فى فى لوحتين تعد من اجمل لوحاته تتنفس بالزرقة تسبح في احداها العناصر بحيوية شديدة من العروس والاسماك والمركب الشراعة والشمس التى تتربع فى الافق كل هذا فى ايقاع عضرى يموج بروح الاسطورة .

لاشك ان ماقدمه فناننا الراحل فى مجال الطبعة الفنية من ابداع مع ريادته فى التعامل مع اللون وبحثه الدؤوب فى صيغة الاصالة والحداثة جعله.. جديرا بالحصول على جائزة الجرافيك لبينالى الاسكندرية 1972 وجائزة ترينالى مصر الدولى الثانى 1996 وجائزة الحفر فى معرض الحفر باسبانيا كما سجلت اعماله بالموسوعات الدولية لفن الحفر باليابان والموسوعة العلمية الالمانية والموسوعة السويدية .

سلام على الفنان السكندرى سعيد حداية بعمق عالم يفيض بروح الطقوس والايماءات الشعبية ولمسة الحداثة .

صلاح بيصار .."عن صحيفة القاهرة عدد 28 نوفمبر 2017"

© 2020

bottom of page